لقد اهتم العديد من الباحثين باللغة كونها تحقق وظيفة التواصل أو وسيلة للتكيف والتوافق الاجتماعي لذا فإن حدوث أي خلل في نظامها قد يعرقل عملية التواصل هذه، بل يجعلها غير ممكنة في بعض الحالات. أو لعل أهم الاختلالات التي تمس اللغة هي حدوث إصابات على مستوى الدماغ؛ والتي تنجر عنها اضطرابات في اللغة أو الكلام، مما جعل هذه الأخيرة موضوعا لعدة دراسات ومن مختلف التخصصات (الطب، الرطوفونيا، علم النفس) وحتى اللغويين أو اللسانيين. ويعد رومان جاكوبسون من الأوائل الذي تناول إحدى هذه الاضطرابات اللغوية الأكثر شهرة أو الأكبر تعقيدا ألا وهي "الحبسة"، وذلك بالاعتماد على مبادئ اللسانيات النظرية البنيوية.(structuralisme) حيث حاول تفسير هذا الاضطراب مركزا على المستويات والعلاقات اللغوية التي مسها هذا الاضطراب، وبذلك قد وضع في كتابه
"Essai de linguistique Générale" نموذجا يتم وفقه تحليل الاضطرابات اللغوية التي يكون سببها إصابة منطقة اللغة في الدماغ. وعلى غرار ما تتميز به الحبسة من أعراض وخصائص عيادية، فهناك اضطرابات لغوية أخرى ناتجة عن إصابات دماغية مختلفة، منها ما يمس المستوى البنيوي للغة (الصوتيات، الفونولوجيا، الدلالة، النحو والصرف) ومنها ما يمس مستوى الفهم وكذا المستوى البراغماتي وهذا ما سنتناوله خلال هذه الوحدة.
- Enseignant: NADIA SAHRAOUI