
يعد مقياس فكر عربي معاصر من أهم المقاييس التي يدرسها طالب العلوم الاجتماعية والانسانية وخاصة الذي يتخصص في الفلسفة وفرع الفلسفة الاسلامية، حيث أنّ هذا المقياس يسمح بمطالعة مختلف المشاريع النهضوية التجديدية والفكرية النقدية لأهم مفكري العرب المعاصريين، انطلاقا من بداية حركة النهضة والتجديد إلى غاية الدراسات الآنية، كما أنه يطلع على أهم المفاهيم والآليات والإضافات التي أسهم بها رواد الفكر العربي المعاصر للدفع بحركة الواقع العربي المعاصر نحو التجديد والتطوير، ولعل أهم ميزة يتحلى بها هذا المقياس هو أنه مقياس متنوع المشارب، متنوع الاتجاهات النقدية على حسب كل مفكر، وهذا ما يسمح للطالب بالإلمام بمختلف التوجهات النقدية والفكرية المعاصرة من مشاريع الإصلاح الديني ومشروع المادية والعلمانية والقومية والتطورية، وكما يفهم الأطروحات الاستشكالية للفكر العربي المعاصر وممكناته المنهجية وإشكالاته الفلسفية، لكونه واقع يشهد حَراكًا فكريًا شديدا ومتعدّدا، يعتمد في منطلقاته على معطيات المرحلة المتأزّمة من جهة -بما هي واقع مهزوم-؛ والسّعي وراء إحداث بديل معرفي نموذجي من جهة أخرى -كمخرج بدائلي للأزمة-، بحيث يكون هذا البديل بعيدا عن الهشاشة التفلسفية - التي قد لا تزيده إلا بعدا عن الفاعلية التاريخية- وقريبا من فلسفة التغيير والبناء، وقد تبلور ضمن هذه الحركة التغييرية أطاريح فلسفية متفاعلة مع الواقع وفق رؤًى فكرية متنوّعة، كثيرا ما يميّزها الاختلاف في اتجاهاتها الفكرية وسياقاتها الموضوعية ومرجعياتها المنهجية (حداثية، إصلاحية، علمانية، تأصيلية...)، مع أن سؤالها كان واحدا يتجلى بالأساس في كيفية تحقيق شروط الانخراط في صناعة الفعل التاريخي، والخروج من غياهب الواقع المأزوم.
- Enseignant: Sabri LEKHMISSI