ما يميز صراعات القوى الإقليمية عن الدولية الكبرى هو ضيق مساحة هذا الصراع، ليس لكونه محكوم بحدود لا تتعدى الإقليم الذي يوجد فيه المتصارعون، وإنما لقلة عناصره وأهدافه فهو لا يتعدى أن يكون صراعا على قضية مياه أو حدود أو نفوذ سياسي في حيز معين من مساحة الإقليم، كما أنه يرتبط بالأمن سواء أمن النظام السياسي ذاته أو الأمن الوطني (القومي) للأطراف المتصارعة ويمسها بشكل مباشر وهذه الميزة غالبا ما تعطي الصراع طابعا وجوديا يصبح دور السياسة والدبلوماسية فيه ضعيفا.

        تبعا لذلك أيضا فإن مسارات الصراع تأخذ في الغالب شكلا تصاعديا ومتوترا، ولا تعرف ولا تمر بمرحلة (استاتيكو) هدوء الجبهات، فالهدنة لا مجال لها هنا وكل مرحلة من مراحل هذا النوع من الصراعات تتغدى من المرحلة التي سبقتها وتتأسس عليها وصولا إلى هدف واحد نهائي وهو القضاء على الخصم سياسيا أو حتى كيانيا.